لا اله الا الله محمد رسول الله
مرحبا بكم عزيزي الزائر في منتديات ريتاج الكعبة
يشرفناا ان تقوم بالتسجيل معنا اذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
اما إذا كنت عضوا بالمنتدى فقم بتسجيل دخولك أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

لا اله الا الله محمد رسول الله
مرحبا بكم عزيزي الزائر في منتديات ريتاج الكعبة
يشرفناا ان تقوم بالتسجيل معنا اذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
اما إذا كنت عضوا بالمنتدى فقم بتسجيل دخولك أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لا اله الا الله محمد رسول الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علوم القران

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

علوم القران Empty علوم القران

مُساهمة من طرف ندى جزائرية وافتخر الإثنين ديسمبر 31, 2012 2:37 am

ا1- تعريف (علوم القرآن):
هو مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله وترتيبه، وجمعه وكتابته، وقراءاته، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، وإعجازه، وأساليبه ودفع الشبه عنه... إلخ ذلك.
ويتضح من هذا التعريف أن (علوم القرآن) علم عربي إسلامي في نشأته وتكوينه، بدأ مع نزول القرآن الكريم، وما زال ينضج ويتكامل حتى قيام الساعة.

.2- موضوعه:
القرآن الكريم من أية ناحية من النواحي المذكورة في التعريف.

.3- فائدته:
الثقافة العالية العامة في القرآن الكريم، والتسلّح بالمعارف القيّمة فيه، استعدادا لحسن الدفاع عن حمى الكتاب العزيز، وتسهيل خوض غمار تفسير القرآن الكريم، وهو من هذه الناحية كمثل علوم الحديث (المصطلح) لمن أراد أن يدرس علم الحديث.

.4- تاريخ علوم القرآن:
أ- عهد ما قبل التدوين: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يعرفون عن القرآن وعلومه ما عرفه العلماء من بعد، ولكن معرفتهم لم تدوّن، ولم تجمع في كتاب، لعدم حاجتهم إلى ذلك، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أظهرهم ينزل عليه الوحي فيرتّله على مسامعهم، ويكشف لهم عن معانيه وأسراره بوحي من ربّه، وكان الصحابة عربا خلّصا، يتّصفون بقوة الذاكرة وتذوّق البيان وتقدير الأساليب، فأدركوا من علوم القرآن ما لم ندركه نحن، وكانت الأمية متفشية بينهم ووسائل الكتابة بدائية وغير ميسّرة لديهم، ومع ذلك فقد نشطوا في نشر الإسلام وتعاليمه والقرآن وعلومه تلقينا ومشافهة.
ب- عهد التمهيد لكتابة علوم القرآن: إنّ ما تمّ في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه من جمع القرآن في مصحف إمام، ونسخ عدة نسخ منه لإرسالها إلى الأقطار الإسلامية- والذي نفصّل فيه القول في الباب الثالث من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى- كان الأساس لما يسمّى (علم رسم القرآن). وفي عهد عليّ رضي الله عنه وضع الأساس لما يسمّى (علم النحو) بعد أن أمر عليّ رضي الله عنه أبا الأسود الدؤلي أن يضع بعض القواعد، لحماية لغة القرآن من العجمة وتفشي اللحن بين الناس.
وفي العهد الأمويّ ساهم عدد من الصحابة والتابعين في وضع الأساس لما يسمّى (علم التفسير) و: (علم أسباب النزول) و: (علم الناسخ والمنسوخ) و: (علم غريب القرآن).
ج- عهد التدوين: وفي هذا العهد ألّفت الكتب في أنواع علوم القرآن، واتّجهت الهمم أول الأمر إلى التفسير باعتباره أمّ العلوم القرآنية، ومن أوائل من كتب في التفسير شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح. وتفاسيرهم جامعة لأقوال الصحابة والتابعين، ثم تلاهم الطبري المتوفى سنة (310 هـ). وفي علوم القرآن الأخرى كتب علي بن المديني- شيخ البخاري- المتوفى سنة (234 هـ) كتابا في (أسباب النزول) وأبو عبيد القاسم بن سلّام المتوفى سنة (224 هـ) كتب في (الناسخ والمنسوخ) وكلاهما من علماء القرن الثالث.
وأبو بكر السجستاني المتوفى (330 هـ) كتب في (غريب القرآن) وهو من القرن الرابع، وعليّ بن سعيد الحوفي صنف في (إعراب القرآن) وهو من علماء القرن الخامس. وفي هذا القرن الخامس ظهر اصطلاح (علوم القرآن) وأول من كتب فيه هو علي بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هـ واسم كتابه: (البرهان في علوم القرآن) ويقع في ثلاثين مجلدا، والموجود منه الآن في دار الكتب المصرية (15) مجلدا. وفي القرن السادس ألّف ابن الجوزي المتوفى سنة (597 هـ) كتابين هما: (فنون الأفنان في علوم القرآن) و: (المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن).
وفي القرن السابع ألّف علم الدين السخاوي المتوفى سنة (641 هـ) كتابا سمّاه (جمال القراء). وألّف أبو شامة المتوفى سنة (665 هـ) كتابا سمّاه (المرشد الوجيز فيما يتعلق بالقرآن العزيز).
وفي القرن الثامن كتب بدر الدين الزركشي المتوفى سنة (794 هـ) كتابا وافيا سماه (البرهان في علوم القرآن). وألّف تقي الدين أحمد بن تيمية الحرّاني المتوفى سنة (728 هـ) رسالة في أصول التفسير، وهي مشتملة على بعض موضوعات علوم القرآن.
وفي القرن التاسع: ألّف محمد بن سليمان الكافيجي المتوفى سنة (873 هـ) كتابا في علوم القرآن، وألّف جلال الدين البلقيني المتوفى سنة (824 هـ) كتابه (مواقع العلوم من مواقع النجوم).
وفي القرن العاشر ألّف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة (911 هـ) كتابه المشهور (الإتقان في علوم القرآن) وهو من أجمع الكتب في موضوعه، لأنه استفاد من مؤلفات السابقين وزاد عليها.
وفي عصر النهضة الحديثة أثرت المكتبة العربية وازدانت بمؤلفات عديدة في الموضوعات القرآنية وفي علوم القرآن بالذات ونستطيع أن نعدّ منها على سبيل المثال لا الحصر:
(التبيان في علوم القرآن) للشيخ طاهر الجزائري.
(منهج الفرقان في علوم القرآن) للشيخ محمد علي سلامة.
(مناهل العرفان في علوم القرآن) للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني.
(مباحث في علوم القرآن) للدكتور صبحي الصالح.
(من روائع القرآن) للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.
(مباحث في علوم القرآن) للأستاذ مناع القطان.

.الباب الأوّل معنى القرآن وفضله واحترامه:
أولا: معنى القرآن لغة، وأسماؤه.
ثانيا: تعريف القرآن الكريم اصطلاحا.
ثالثا: فضل القرآن الكريم وأهميته في حياة المسلمين.
رابعا: فضل تلاوة القرآن الكريم.
خامسا: احترام القرآن الكريم.

.أولا: معنى القرآن لغة وأسماؤه:
(القرآن) هو أول أسماء الكتاب العزيز وأشهرها، وأصحّ الأقوال في شرح معناه اللغوي أنه مرادف للقراءة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 17- 18] ثم نقل من هذا المعنى المصدري وجعل اسما لكلام الله المنزل على نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه.
وقد قيل: إن اسم القرآن مشتق من القرء بمعنى الجمع؛ لأنه جمع ثمرات الكتب السماوية السابقة، والرأي الأوّل أصح.
وذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه إلى أن لفظ القرآن ليس مشتقا ولا مهموزا، وأنه قد ارتجل وجعل علما للكتاب المنزل، كما أطلق اسم التوراة على كتاب موسى، والإنجيل على كتاب عيسى عليهما السلام.
ومن أسماء القرآن: الفرقان، ويعني أنه الكلام الذي يفرّق بين الحق والباطل.
قال تعالى: {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً} [الفرقان: 1] ومن أسمائه المشهورة: الكتاب، والذكر، والتنزيل. قال تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران: 3] وقال سبحانه: {وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ} [الأنبياء: 50] وقال: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ} [الشعراء: 192].
ويقف الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه القيم (النبأ العظيم) عند أشهر اسمين وهما (القرآن) و: (الكتاب) ليستجلي الحكمة الربانية في ذلك، فيقول: روعي في تسميته (قرآنا) كونه متلوّا بالألسنة، كما روعي في تسميته (كتابا) كونه مدوّنا بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية شيء بالمعنى الواقع عليه.
وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا، أن تضلّ إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفّاظ بالإسناد الصحيح المتواتر.
وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيّها بقي القرآن في حرز حريز، إنجازا لوعد الله الذي تكفّل بحفظه حيث يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} [الحجر: 9] ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند.

.ثانيا: تعريف القرآن الكريم اصطلاحا:
القرآن هو اللفظ العربي المعجز، الموحى به إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم بواسطة جبريل عليه السلام، وهو المنقول بالتواتر، المكتوب في المصحف، المتعبد بتلاوته، المبدوء بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة الناس.
نزول القرآن الكريم منجما:

.تمهيد:

البحث في نزول القرآن بحث مهمّ وجليل، لأن العلم به أساس للإيمان بالقرآن وأنه كلام الله المنزل، وأساس للتصديق برسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
.أ- تنزلات القرآن الكريم:

للقرآن الكريم تنزلات ثلاثة:
الأول: تنزله إلى اللوح المحفوظ، ودليل ذلك قول الله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21- 22].
الثاني: تنزله من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ودليله قول الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ} [الدخان: 3]. وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] وقوله: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185].
وأخرج النسائي والحاكم عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، فجعل جبريل ينزل به على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وأخرج النسائي والحاكم من طريق داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة. ثم قرأ: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 105- 106].
الثالث: تنزل القرآن من بيت العزة في السماء الدنيا على قلب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بواسطة جبريل عليه السلام منجما، قال الله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193- 195].
.ب- نزول القرآن منجما:

تتابع نزول القرآن منجما، فكانت تنزل الآية أو الآيتان أو الآيات في أوقات مختلفة، ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106]. ويضاف إلى هذا الدليل القرآني الصريح، أنه قد ثبت ثبوتا قاطعا في السنة والسيرة النبوية أن القرآن لم ينزل على رسول الله جملة واحدة، وإنما نزل مفرّقا خلال مدة بعثته المباركة والتي قدرت بثلاثة وعشرين عاما تقريبا، قال السيوطي في (الإتقان): الذي استقرئ من الأحاديث الصحيحة وغيرها: أن القرآن كان ينزل بحسب الحاجة، خمس آيات وعشرا، وأكثر وأقلّ، وقد صح نزول العشر آيات في قصة الإفك جملة، وصحّ نزول عشر آيات من أول المؤمنون جملة، وصحّ نزول: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] وحدها، وهي بعض آية...
وكان هذا التنجيم في نزول القرآن سببا في اعتراض اليهود والمشركين وتساؤلهم: لماذا لم ينزل القرآن كما نزلت التوراة جملة واحدة؟ وقد أنزل الله عزّ وجلّ آية كريمة تسجّل هذا الاعتراض وتردّ عليه، وهي قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32].
.حكم نزول القرآن منجما:

نستطيع أن نتعرّف على حكم نزول القرآن منجّما من الآيتين الكريمتين:
{وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ} [الإسراء: 106] {وكَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] اللتين ورد فيهما الردّ على اعتراض المشركين واليهود بالحجة الدامغة، كما أن هناك أسرارا لهذا التنجيم تدرك بالعقل والاجتهاد، وهذه الحكم والأسرار هي:
.1- تثبيت فؤاد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

وهذا ما صرّحت به الآية: {كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ} وكان النبيّ عليه الصلاة والسلام بحاجة لهذا التثبيت وهو يواجه من الناس القسوة والنفور، ويجد من الكثيرين في مكة الغلظة والجفاء والإصرار على الكفر، مع رغبته الصادقة في هدايتهم إلى الحق، فكان الوحي يتنزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين وقت وآخر فيشحذ من همته ويزيد من صبره وتحمله، بل كان ينزل القرآن في أحلك الأوقات وأقسى الحالات شدة، وإذا بالآيات تدعو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى متابعة الطريق بكل صبر وثبات، وتقصّ عليه ما لقي الأنبياء من أتباعهم من قسوة وعناد، قال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا} [الأنعام: 33- 34].
قال أبو شامة: فإن قيل: ما السرّ في نزول القرآن منجما؟ وهلّا أنزل كسائر الكتب جملة؟ قلنا: هذا سؤال قد تولّى الله جوابه فقال تعالى: {كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ} أي لنقوي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدّد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشدّ عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز، فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولذلك كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أجود ما يكون في رمضان لكثرة لقياه جبريل.
.2- تيسير حفظ القرآن وتسهيل فهمه:

وذلك لأن القرآن نزل على أمة تغلب فيها الأمية، فلا تعرف القراءة والكتابة، وإنما سجلها ذاكرتها؛ قال تعالى في إثبات ذلك: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2]. فكان من رحمة الله بهذه الأمة أن يسّر لها حفظ القرآن وسهّل عليهم فهم آياته التي تنزل مفرقة خلال فترات متقطعة من الزمن فيحفظونها ويفهمونها. وكأن القرآن بنزوله منجما رسم للصحابة الكرام منهجا تعليميا طبقوه في حياتهم وتوارثه عنهم التابعون وهو التعلّم التدريجي. أخرج البيهقي في (شعب الإيمان) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات. وأخرج ابن عساكر عن أبي نضرة قال: كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يعلمنا القرآن خمس آيات بالغداة، وخمس آيات بالعشي، ويخبر أن جبريل نزل بالقرآن خمس آيات خمس آيات.
.3- التدرج في التشريع:

قضت إرادة الله أن يتم الإصلاح الاجتماعي بصورة تدريجية؛ لأنه ليس من الممكن أن ينقلب المجتمع الجاهلي الفاسد بين عشية وضحاها إلى مجتمع صالح، فكانت آيات القرآن تراعي الانقلاب التدريجي، وتراعي بناء الأسس الثابتة لهذا التغيير، فنزلت أولا الآيات المتعلقة بالعقيدة ودلائلها، والآيات الداعية إلى محاسن الأخلاق، حتى إذا آمن الناس وزكت نفوسهم نزلت آيات الحلال والحرام في تدرج حكيم. ويدل على ذلك ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر. لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنى.
.4- مسايرة الحوادث:

وإيجاد الحلول المناسبة للحوادث الطارئة، لتكون آيات القرآن أوقع في النفس وألصق بالحياة؛ ومن ذلك:
لما توفي عبد الله بن أبيّ- رأس المنافقين- دعي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للصلاة عليه، فقام عليه، فلما وقف قال عمر: أعلى عدوّ الله عبد الله بن أبي القائل كذا وكذا، والقائل كذا وكذا؟ يعدّد أيامه. ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبتسم، ثم قال له: «إني قد خيّرت، قد قيل لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر لزدت عليها». ثم صلّى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومشى معه حتى قام على قبره حتى فرغ منه، قال عمر: فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والله ورسوله أعلم، فو الله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان:
{وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على منافق بعد حتى قبضه الله عزّ وجلّ.
وحين تخلّف نفر من المؤمنين الصادقين في غزوة تبوك، وأقاموا بالمدينة، ولم يجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لديهم عذرا، هجرهم وقاطعهم، حتى ضاقوا ذرعا بالحياة، ثم نزل القرآن بقبول توبتهم، فكان درسا في عدم التخلف عن الجهاد لا يمكن أن ينساه أو يتجاهله أي مسلم، قال تعالى: {لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 117- 118].
.5- الدلالة القاطعة على أن القرآن كلام الله وحده:

لقد عرفت أن هذا القرآن نزل مفرقا على رسول الله في مدة ثلاثة وعشرين عاما، تنزل منه الآية أو الآيات في فترات زمنية مختلفة، ومع ذلك فإنك تجده من أوله إلى آخره محكم السرد، دقيق السبك، متين الأسلوب، قويّ الاتصال، آخذا بعضه برقاب بعض في سوره وآياته وجمله، وكأنه عقد فريد نظمت حباته بشكل دقيق وفريد بما لم يعهد له مثيل من كلام البشر لا من قبل ولا من بعد. قال تعالى: {الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1]. وهذا التناسق وعدم الاختلاف في أسلوب القرآن أكبر دليل على أنه كلام الله العليم الحكيم؛ إذ لو كان من كلام المخلوقين لظهر فيه الاختلاف من سنة إلى أخرى؛ قال تعالى: {وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء: 82]. وحتى أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رغم أنها في ذروة الفصاحة والبلاغة بعد القرآن، فإنها لا تنتظم حباتها في كتاب واحد سلس العبارة فيه وحدة وترابط كالقرآن، أو ما يدانيه في الاتساق والانسجام.
.6- توثيق وقائع السيرة النبوية:

والدلالة من خلال الآيات القرآنية المنجمة على أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم خاتم النّبيّين، وتشكّل السيرة النبوية من خلال الحوادث، وضمّها إلى قصص الأنبياء، وسير المرسلين، وحياة الأمم السابقين، وتوثيق ذلك إلى درجة التواتر، ورسم القواعد التي تبنى وفقها السيرة النبوية بوصفها المقدمة للتاريخ الإسلامي منذ جيل الصحابة وحتى عصرنا الحاضر.
.الفصل الثاني أول ما نزل وآخر ما نزل من القرآن:

يعتمد في هذا البحث على النقل والتوقيف، ولا مجال للعقل فيه إلا بالترجيح بين الأدلة، ويفيدنا في تمييز الناسخ من المنسوخ، ومعرفة تاريخ التشريع الإسلامي، ومراقبة سيره التدريجي، ويظهر مدى عناية سلفنا الصالح بالقرآن ومعرفة أول ما نزل وآخر ما نزل منه.
.1- أول ما نزل:

اختلف في تعيين أول ما نزل من القرآن، لورود أربعة أقوال في ذلك:
.القول الأول:

أن أول ما نزل هو صدر سورة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]... إلى قوله تعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 5]. وهذا أصح الأقوال ويستند إلى حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أول ما بدئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنّث فيه الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة رضي الله عنها فتزوده لمثلها، حتى فجأه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه، فقال: اقرأ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} حتى بلغ: {ما لم يعلم} فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ترجف بوادره».
سباب النزول:

تظهر أهمية معرفة أسباب النزول في توضيح معاني الآيات، ومعرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم، كما أن هناك أبحاثا في أصول الفقه استندت على معرفة سبب النزول، أو أفادت منها، مثل: (خصوص السبب) و: (عموم اللفظ). وقد ذهب الواحدي في كتابه (أسباب النزول) إلى أن: أسباب النزول أول ما يجب الوقوف عليه، وأول ما تصرف العناية إليه، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها. وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن. وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.
ونذكر هنا مثالين للدلالة على أهمية العلم بأسباب النزول:
المثال الأول: قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 115].
إذ قد يفهم من الآية أن يتوجه المصلي في صلاته إلى أي جهة يشاء، وأنه لا يجب عليه أن يولّي وجهه شطر المسجد الحرام، ويستوي في ذلك المسافر والمقيم. ولكننا عند ما نعرف سبب النزول لهذه الآية يظهر لنا أنها تقتصر على أحوال معينة، وليست حكما عاما يعفي من التوجّه إلى المسجد الحرام؛ فقد روى البخاري ومسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنها نزلت في صلاة المسافر النفل على الراحلة أينما توجّهت.
المثال الثاني: قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} [البقرة: 158].
من المعروف أن السعي بين الصفا والمروة جزء من شعائر الحج واجب الأداء، وعبارة (لا جناح) في الآية الكريمة لا تفيد الوجوب، وقد أشكل هذا على عروة بن الزبير فسأل خالته السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فأفهمته أن نفي الجناح في الآية ليس نفيا للفرضية، إنما هو نفي لما وقر في أذهان المسلمين- وهم في مطلع عصر الإيمان- من أن السعي بين الصفا والمروة كان من عمل الجاهلية، فلقد كان على الصفا صنم يقال له: إساف، وكان على المروة صنم يقال له: نائلة، وكان المشركون في الجاهلية يسعون بين الصفا والمروة ويتمسحون بالصنمين. ولقد حطّم الصنمان بعد فتح مكة، لكن المسلمين تحرّجوا في الطواف بينهما فنزلت الآية.
.4- طريقة معرفة أسباب النزول:

إن الطريقة الوحيدة لمعرفة أسباب النزول مقصورة على النقل الصحيح، ولا يحل القول فيها إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها:
.أ- فإن رويت أسباب النزول عن الصحابة:

فهي مقبولة؛ لأن أقوال الصحابة فيما لا مجال للاجتهاد فيه حكمها حكم المرفوع إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومن البعيد كل البعد أن يكون الصحابي قد قال ذلك من تلقاء نفسه.
.ب- وإن رويت أسباب النزول عن تابعي:

فحكمه أنه لا يقبل إلا إذا صحّ واعتضد بمرسل آخر، وكان الراوي له من أئمة التفسير الآخذين من الصحابة؛ كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير.
.5- اهتمام العلماء بالكتابة في أسباب النزول:

اهتم العلماء الباحثون في علوم القرآن بمعرفة سبب النزول، ولمسوا شدة الحاجة إليه في تفسير القرآن، فأفرده جماعة منهم بالكتابة والتأليف، ومن أشهرهم:
1- المحدث علي بن المديني شيخ الإمام البخاري المتوفى عام (234 هـ)، مخطوط.
2- أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري المتوفى عام (468 هـ)، مطبوع.
3- الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى عام (852 هـ)، مخطوط.
4- الإمام جلال الدين السيوطي المتوفى عام (911 هـ)، والذي قال عن نفسه: وقد ألّفت فيه- أي في أسباب النزول- كتابا حافلا لم يؤلف مثله في هذا النوع سميته: (لباب النقول في أسباب النزول)، مطبوع.
.الفصل الرّابع: المكي والمدني وخصائص كل منهما:

من المعلوم أن القرآن الكريم قد بدأ نزوله في مكة، واستمر مدة ثلاثة وعشرين عاما تقريبا، وهذه المدة تنقسم إلى قسمين: مدة إقامة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في مكة قبل الهجرة، ومدة إقامته في المدينة بعد الهجرة، ومن هنا تنوّع القرآن في مجموعه إلى مكي ومدني، وقد عني العلماء والرواة من سلفنا الصالح بتمييز هذين القسمين عن بعضهما واستخراج خصائص كل منهما، وذلك للفوائد التشريعية والتاريخية التي سنذكرها في هذا البحث.
.1- تحديد المكي والمدني:

للعلماء في تحديد المكي والمدني ثلاثة اصطلاحات:
1- أن المكّي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة، ويدخل في مكة ضواحيها، فيعتبر مكيّا ما أنزل على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمنى وعرفات والحديبية، كما يدخل في المدينة ضواحيها، فيعتبر مدنيا ما أنزل على النبيّ ببدر وأحد وسلع.
وهذا الاعتبار الاصطلاحي مبني على مكان النزول فقط، فلا يفيد الحصر، لوجود آيات في القرآن أنزلت على الرسول في غير مكة والمدينة وفي غير ضواحيهما.
2- أنّ المكي ما وقع خطابا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة، ويقال هنا: إن ما صدّر في القرآن بلفظ (يا أيها الناس) أو بصيغة (يا بني آدم) فهو مكي؛ لأن الكفر كان غالبا على أهل مكة، فخوطبوا بيا أيها الناس أو يا بني آدم، وإن كان غيرهم داخلا فيهم. أما ما صدر من القرآن بعبارة (يا أيها الذين آمنوا) فهو مدني؛ لأن الإيمان كان غالبا على أهل المدينة، وإن كان غيرهم داخلا فيهم. ويعترض على هذا القول:
أ- بأنه غير ضابط، ولا يفيد الحصر، لأن في القرآن ما نزل خطابا لغير الفريقين؛ مثل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} [الأحزاب: 1].
ب- وهذا التقسيم غير مطّرد، لوجود آيات مدنية صدّرت بصيغة (يا أيها الناس) ووجود آيات مكية صدّرت بـ: (يا أيها الذين آمنوا).
ج- وهذا التقسيم لن يفيدنا شيئا في دراسة تاريخ القرآن الكريم؛ لما فيه من استبعاد الجانب الزمني.
3- أن المكي ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعد الهجرة وإن كان نزوله بمكة. وهذا الاصطلاح هو أصوب وأشهر الاصطلاحات الثلاثة وأولاها بالقبول، لأنه يأخذ في اعتباره تاريخ النزول، ولهذا أهمية في معرفة الناسخ والمنسوخ واستنباط الأحكام. وعليه فآية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3] مدنية، مع أنها نزلت يوم الجمعة بعرفة في حجة الوداع.
وكذلك آية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها} [النساء: 58] فإنها مدنية، مع أنها نزلت بمكة في جوف الكعبة عام الفتح الأعظم.
المحكم والمتشابه والمبهم:

الفصل الأول: تعريفات.
الفصل الثاني: الآيات المتشابهة والحكمة منها.
الفصل الثالث: افتتاحيات السور.
.الفصل الأول تعريفات (المحكم والمتشابه والمبهم):

.تمهيد:

قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ} [آل عمران: 7].
هذه الآية الكريمة من كتاب الله تعالى هي البداية والنهاية لفرع من علوم القرآن نجده يبدأ منها وينتهي عندها. فقد احتوت كلماتها على المحكم، ويقابله المتشابه، والراسخون في العلم يقابلهم الذين في قلوبهم زيغ، ومن هنا كانت البداية في تعريف كل من المحكم والمتشابه، لننتهي إلى فهم الآية وتفسيرها.
.أولا: تعريف المحكم:

المحكم في اللغة: يستعمل بمعنى المتقن والممنوع. يقال: أحكم الأمر:
أتقنه. ويقال: أحكم الرأي: أتقنه ومنعه من الفساد. والحكمة: ما يحيط بحنكي الفرس من لجامه، لتمنعه من الحركة والاضطراب.
والقرآن الكريم: بهذا المعنى اللغوي محكم كلّه، أي: متقن ممتنع عن النقص والخلل، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: {كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1].
والمحكم في الاصطلاح: هو الذي يدلّ على معناه بوضوح لا خفاء فيه، أو هو ما لا يحتمل إلا وجها واحدا من التأويل، أو هو ما كانت دلالته راجحة، وهو الظاهر والنص.
والظاهر في اللغة: الواضح. وفي الاصطلاح: هو الذي ظهر المراد منه بنفسه؛ من غير توقّف على أمر خارجي؛ مثل قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة: 275] فكلمة أحلّ وحرّم تدلّان على أن البيع حلال والربا حرام دون حاجة إلى قرينة خارجية. والظاهر لا يراد منه المقصود الأصلي من سياق الآية؛ وهو نفي المماثلة بين البيع والربا، ردا على المشركين الذين قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا} [البقرة: 275].
والنص: هو ما دل بنفس لفظه وصيغته على المعنى، من غير توقّف على أمر خارجي، مثل آية: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [البقرة: 275]. إذ هي نص في التفرقة بين البيع والربا. وهذا المعنى هو المقصود الأصلي من سياق الآية. ونستنتج من هذا أنّ النصّ أظهر في دلالته من الظاهر على معناه، وعند التعارض بينهما نرجّح النصّ على الظاهر.
.ثانيا: تعريف المتشابه:

المتشابه في اللغة: المتماثل، يقال: أمور متشابهة، أي متماثلة يشبه بعضها بعضا، ويقال شابهه وأشبهه: أي ماثله إلى درجة الالتباس.
قال الله تعالى في وصف رزق أهل الجنة: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً} [البقرة: 25] أي: متماثلا في الشكل والحجم، ومختلفا في الطعم.
وقال الله تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا} [البقرة: 70] أي: تماثل والتبس، فلا ندري أي بقرة نذبح.
والقرآن الكريم بهذا المعنى اللغوي: محكم جلّه، وبعضه متشابه، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ} [آل عمران: 7].
والمتشابه في الاصطلاح: ما كانت دلالته غير واضحة. وقال بعضهم: المتشابه ما لا يستقل بنفسه، بل يحتاج إلى بيان، فتارة يبين بكذا، وتارة بكذا، لحصول الاختلاف في تأويله.
.أنواع المتشابه:

المتشابه على ثلاثة أضرب (أنواع):
1- ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه، كوقت الساعة، وخروج الدابة وكيفيته، ونحو ذلك.
2- وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته، كالألفاظ الغريبة والأحكام الغلقة.
3- وضرب متردّد بين الأمرين، يجوز أن يختصّ بمعرفة حقيقته بعض الراسخين في العلم، ويخفى على من دونهم، وهو الضرب المشار إليه بقوله صلّى الله عليه وسلّم لعليّ رضي الله عنه: «اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل». وقوله لابن عبّاس مثل ذلك.
.ثالثا: تعريف المبهم:

المبهم في اللغة: المشتبه. يقال: أبهم الأمر؛ اشتبه، كاستبهم.
والمبهم اصطلاحا: ما لا سبيل إلى معرفته إلا بتبيين المبهم عبارة أو إشارة.
وللإبهام أسباب:
1- أن يكون أبهم في موضع استغناء ببيانه في سياق الآية، كقوله تعالى: {يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ} [الانفطار: 15] بيّنه بقوله تعالى: {وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: 17].
2- أن يتعيّن لاشتهاره، كقوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] ولم يقل حواء، لأنه ليس غيرها.
3- قصد الستر عليه، ليكون أبلغ في استعطافه، كقوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ} [البقرة: 108] والمراد بالسائلين هو رافع بن حريملة، ووهب بن زيد.
4- ألّا يكون في تعيينه كبير فائدة، كقوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ} [البقرة: 259] المراد به عزير، الذي مرّ على بيت المقدس.
5- التنبيه على التعميم، وهو غير خاص، بخلاف ما لو عيّن، كقوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 100] قال عكرمة: أقمت أربع عشرة سنة أسأل عنه حتى عرفته، هو ضمرة بن العيص، وكان من المستضعفين بمكة وكان مريضا، فلما نزلت آية الهجرة خرج منها فمات بالتنعيم.
6- تعظيمه بالوصف الكامل دون الاسم، كقوله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22]، والمراد أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.
7- تحقيره بالوصف الناقص، كقوله تعالى: {إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3] المراد به العاصي بن وائل السهمي.
.الفرق بين المتشابه والمبهم:

1- المتشابه ما يحتمل أوجها عديدة من التفسير ولا سبيل إلى معرفة حقيقته معرفة يقين.
2- أما المبهم فيمكن معرفة حقيقته، ولكن لا سبيل إلى معرفته إلا بتبيين من المبهم عبارة أو إشارة.
.الفصل الثاني الآيات المتشابهة، والحكمة منها:

مدخل: سبق تعريف المتشابه اصطلاحا بأنه: ما احتمل أوجها من التأويل فيحتاج إلى بيان. ومنشأ التشابه يعود إلى خفاء مراد الشارع من كلامه، والخفاء يعود إلى أسباب ثلاثة:
1- خفاء في اللفظ، مثل: فواتح السور، أو في المفرد بسبب اشتراكه بين عدّة معان، مثل العين: تأتي للجارحة، ونبع الماء، والذهب، والفضة، وغير ذلك.
2- خفاء في المعنى، مثل: ما جاء في القرآن الكريم والسّنّة الشريفة وصفا لله تعالى أو لأهوال القيامة، أو لنعيم الجنة، وعذاب النار، فإنّ العقل البشري لا يمكن أن يحيط بحقائق صفات الخالق، ولا بأهوال القيامة، ولا بنعيم أهل الجنة وعذاب النار، وكيف السبيل إلى أن يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسّه وما لم يكن فينا مثله ولا جنسه؟
3- خفاء في اللفظ والمعنى معا، مثل قول الله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها} [البقرة: 189] فقد كان العرب في الجاهلية إذا أحرموا وأرادوا دخول بيوتهم- وكانوا من أهل البيوت لا من أهل الخيام- نقبوا نقبا في ظهور بيوتهم يدخلون ويخرجون منه، وإن كانوا من أهل الأخبية خرجوا من خلف الأخبية، فنزل: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها} [البقرة: 189]. فمنشأ الخفاء في اللفظ الاختصار، كأنّ المعنى: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها إذا كنتم محرمين. ومنشأ الخفاء في المعنى: أنه لابد من معرفة عادة العرب في الجاهلية، وإلا لتعذّر فهمه.
فقد ظهر لنا بأنّ الخفاء الراجع إلى السبب الأول والثالث مما يمكن إزالته، وفهم المراد فيه. وما كان الخفاء فيه راجعا إلى السبب الثاني فذلك مما لا يمكن إزالته، ولا سبيل لتعيين المراد فيه.
فالآيات المتشابهة تعود إلى التشابه والخفاء من جهة المعنى.
.نماذج من الآيات المتشابهة:

قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ} [المجادلة: 7].
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: 85]. {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا} [الطور: 48].
وقال سبحانه: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} [طه: 5] {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ} [الزخرف: 84] {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 3].
وقال جل جلاله: {وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22]. {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ} [البقرة: 210]. {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً} [الأنعام: 158]. وقال سبحانه: {يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] {وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 54- 55].
تلك آيات من المتشابه من جهة المعاني في القرآن الكريم، ولا سبيل إلى معرفة حقيقة المراد بها.

صفحة البداية الفهرس << السابق 13 من 35 التالى >> الفصل الرّابع التعريف بأشهر التفاسير والمفسرين:

1- الطبري.
2- الزمخشري.
3- الفخر الرازي.
4- القرطبي.
5- ابن كثير.
مع بيان طريقة كل منهم، وخصائص تفسيره.
.1- الإمام الطبري 224- 310 هـ:

.1- التعريف به:

هو أبو جعفر محمد بن جرير الطبري من أهالي طبرستان، ولد (بآمل) سنة (224 هـ)، خرج من بلده (آمل) في الثانية عشرة من عمره يطلب العلم ويجلس إلى المشايخ، وقد سمع بالعراق والشام ومصر عن خلق كثير، واستقر به مقامه بعد ذلك في بغداد.
قال أبو سعيد بن يونس: كان فقيها، قدم إلى مصر قديما سنة ثلاث وستين ومائتين وكتب بها، ورجع إلى بغداد وصنّف تصانيف حسنة تدل على سعة علمه.
وقال علي بن عبد الله: مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
قال ابن جرير يوما لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن! فأجابوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا مما يفني الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة. وقال الخطيب البغدادي في تاريخه: أحد العلماء يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله تعالى، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسّنة وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب المشهور في (تاريخ الأمم والملوك) وكتاب (التفسير) الذي لم يصنّف أحد مثله، وكتاب (تهذيب الآثار) لم أر سواه في معناه إلا أنه لم يتمّه، وكتاب حسن في القراءات سمّاه (الجامع) وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفقهاء، وتفرّد بمسائل حفظت عنه.

صفحة البداية الفهرس << السابق 26 من 35 التالى >>


القرآن الكريمالكتبالفتاوىالتلاوات والقراءالمحاضراتالمحاضرونالمؤلفون
القرطبي المتوفى سنة 671 هـ:

.1- التعريف به:

هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري الخزرجي المالكي الأندلسي القرطبي، سمع من ابن رواج، ومن ابن الجميزي، وأبي العباس القرطبي شارح صحيح مسلم وغيرهم. قال الداودي:
كان من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة، أوقاته معمورة ما بين توجّه وعبادة وتصنيف، جمع في تفسير القرآن الكريم كتابا كبيرا في خمسة عشر مجلدا سمّاه كتاب (جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي القرآن) وهو من أجلّ التفاسير وأعظمها نفعا، أسقط منه القصص والتواريخ، وأثبت عوضها أحكام القرآن، واستنباط الأدلة، وذكر القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ، وله شرح الأسماء الحسنى في كتاب يقع في مجلدين سمّاه (الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى) وكتاب (التذكار في أفضل الأذكار) وضعه على طريقة (البيان) للنووي، لكن هذا أتم منه وأكثر علما، وكتاب (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة).
وقال الذهبي عنه: إمام متقن متبحّر في العلم، له تصانيف مفيدة تدلّ على إمامته، وكثرة اطلاعه، ووفور فضله.
.2- طريقته في التفسير:

يعدّ تفسيره من أجلّ كتب التفسير التي وصلت إلينا وأفضلها، جمع فيه تفسير القرآن بالقرآن، ثم تفسيره بالسّنة، ثم أقوال الصحابة والتابعين، وأقوال العلماء واستنباطهم لما تدل عليه الآيات، وعرض لمسائل الفقه ببيان مشرق، وينسب إلى كل فقيه رأيه، ويذكر حجته، وقد يرجّح رأيا من آراء من نقل عنهم، إلى جانب تخريج الأحاديث والعناية بالقراءات واللغات والإعراب.
.3- خصائص تفسيره:

قال رحمه الله تعالى: وشرطي في هذا الكتاب، إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله، وكثيرا ما يجيء الحديث في كتب الفقه والتفسير مبهما لا يعرف من أخرجه إلا من اطلع على كتب الحديث، فيبقى من لا خبرة له بذلك حائرا لا يعرف الصحيح من السقيم، فلا يقبل منه الاحتجاج به ولا الاستدلال حتى يضيفه إلى من خرّجه من الأئمة الأعلام، والثقات المشاهير من علماء الإسلام.
وأضرب عن كثير من قصص المفسرين وأخبار المؤرخين إلا ما لابد منه ولا غنى عنه للتبيين، واعتاض عن ذلك بتبيين آي الأحكام بمسائل تسفر عن معناها، وترشد الطالب إلى مقتضاها، فضمّت كلّ آية- تتضمن حكما أو حكمين فما زاد- مسائل تبين فيها ما تحتوي عليه من أسباب النزول والتفسير للغريب، والحكم، فإن لم تتضمن حكما ذكر ما فيها من التفسير والتأويل، وهكذا إلى آخر الكتاب.
.4- وفاته:

كان طارح التكلّف يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقيّة.
وكان مستقرا بمنية بني خضيب من الصعيد الأدنى، وفيها توفي ليلة الاثنين التاسع من شوال سنة إحدى وسبعين وستمائة رحمه الله تعالى.
.5- إسماعيل بن كثير 701- 774 هـ:

.1- التعريف به:

هو أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير البصروي الدمشقي.
ولد بقرية شرقي بصرى سنة 701 هـ، ثم قدم دمشق وله نحو سبع سنين مع أخيه بعد موت أبيه، وتتلمذ لكثير من العلماء منهم: الحافظ المزّي، وتزوّج ابنته، وأقبل على علم الحديث، وأخذ الكثير عن ابن تيمية.
وقال ابن حبيب فيه: إمام ذوي التسبيح والتهليل، وزعيم أرباب التأويل- التفسير- سمع وجمع وصنّف، وأطرب الأسماع بأقواله وشنّف، وحدّث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير.
قال فيه شيخه الإمام الذهبي (في المعجم): فقيه متفنّن، ومحدّث متقن، ومفسّر نقّاد. صنّف في صغره كتاب (الأحكام على أبواب التنبيه) والتاريخ المسمّى بـ: (البداية والنهاية) والتفسير، واختصر (تهذيب الكمال) للمزّي، وأضاف إليه ما تأخر في (الميزان) وسمّاه (التكميل) وغيرها. ومن شعره قوله:
تمرّ بنا الأيام تترى وإنّما ** نساق إلى الآجال والعين تنظر

فلا عائد ذاك الشباب الذي مضى ** ولا زائل هذا المشيب المكدّر










.






ه:

.
ندى جزائرية وافتخر
ندى جزائرية وافتخر

علوم القران Ldc55110
عدد المساهمات : 1195
نقاط : 2078
تاريخ التسجيل : 20/04/2012
العمر : 29

http://www.ritadj-alk3eba.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

علوم القران Empty رد: علوم القران

مُساهمة من طرف زهـــــــــــرة النرجس الثلاثاء يناير 01, 2013 8:46 pm

شكرا ندوشه
جزاك الله خيرا
زهـــــــــــرة النرجس
زهـــــــــــرة النرجس
مشرفة الاناقة والجمال

علوم القران 700
عدد المساهمات : 587
نقاط : 827
تاريخ التسجيل : 28/04/2012
العمر : 25

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى