لا اله الا الله محمد رسول الله
مرحبا بكم عزيزي الزائر في منتديات ريتاج الكعبة
يشرفناا ان تقوم بالتسجيل معنا اذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
اما إذا كنت عضوا بالمنتدى فقم بتسجيل دخولك أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

لا اله الا الله محمد رسول الله
مرحبا بكم عزيزي الزائر في منتديات ريتاج الكعبة
يشرفناا ان تقوم بالتسجيل معنا اذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
اما إذا كنت عضوا بالمنتدى فقم بتسجيل دخولك أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لا اله الا الله محمد رسول الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكتاب : الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الكتاب : الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ Empty الكتاب : الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ

مُساهمة من طرف siham nana الأحد يناير 27, 2013 9:40 pm

المبحث الأول ـ تعريف الصوم وزمنه وفوائده، وفضل رمضان وليلة القدر، وأهم الأحداث التاريخية في رمضان:
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول ـ تعريف الصوم، وركنه وزمنه وفوائده:
تعريف الصوم: الصوم لغة: الإمساك والكف عن الشيء، قال: صام عن الكلام، أي أمسك عنه، قال تعالى إخباراً عن مريم: {إني نذرت للرحمن صوماً} [مريم:26/19] أي صمتاً وإمساكاً عن الكلام، وقال العرب: صام النهار: إذا وقف سير الشمس وسط النهار عند الظهيرة (1) .
وشرعاً: هو الإمساك نهاراً عن المفطِّرات بنية من أهله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس (2) . أي أن الصوم امتناع فعلي عن شهوتي البطن والفرج، وعن كل شيء حسي يدخل الجوف من دواء ونحوه، في زمن معين: وهو من طلوع الفجر الثاني أي الصادق إلى غروب الشمس، من شخص معين أهل له: وهو المسلم العاقل غير الحائض والنفساء، بنية وهي عزم القلب على إيجاد الفعل جزماً بدون تردد، لتمييز العبادة عن العادة.
وركن الصوم: الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، أو الإمساك عن المفطرات، وزاد المالكية والشافعية ركناً آخر وهو النية ليلاً.
-------------------------------
(1) وقال الشاعر:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج واخرى تعلك اللجما
وأراد بالصائمة الممسكة عن الصهيل.
(2) اللباب: 162/1، الشرح الصغير: 681/1-698، مغني المحتاج: 420/1، المغني: 84/3، كشاف القناع: 348/2 ومابعدها.
(3/1)
________________________________________
وزمن الصوم: من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ويؤخذ في البلاد التي يتساوى الليل والنهار فيها، أو في حالة طول النهار أحياناً كبلغاريا بتقدير وقت الصوم بحسب أقرب البلاد منها، أو بتوقيت مكة. ودليله قوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة:187/2] وعبر بالخيط مجازاً، يعني بياض النهار من سواد الليل، وهذا يحصل بطلوع الفجر. قال ابن عبد البر: في قول النبي صلّى الله عليه وسلم : «إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح، وأن السحور لا يكون الا قبل الفجر، بالإجماع .
و فوائد الصيام كثيرة من الناحيتين الروحية والمادية :
فالصوم طاعة لله تعالى، يثاب عليها المؤمن ثواباً مفتوحاً لا حدود له ، لأنه لله سبحانه، وكرم الله واسع، وكرم الله واسع، وينال بها رضوان الله، واستحقاق دخول الجنان من باب خاص أعد للصائمين يقال له الريان (1) ويبعد نفسه عن عذاب الله تعالى بسبب ما قد يرتكبه من معاص ، فهو كفارة للذنوب من عام لآخر ، وبالطاعة يستقيم أمر المؤمن على الحق الذي شرعه الله عز وجل ، لأن الصوم يحقق التقوى التي هي امتثال للأوامر الإلهية واجتناب النواهي، قالله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم، لعلكم تتقون} [البقرة:183/2].
-------------------------------
(1) روى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي عن سهل بن سعد عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد» (الترغيب والترهيب: 82/2-83).
(3/2)
________________________________________
والصوم مدرسة خلقية كبرى يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة، فهو جهاد للنفس، ومقاومة للأهواء ونزعات الشيطان التي قد تلوح له، ويتعود به
الإنسان خلق الصبر على ما قد يُحرَم منه، وعلى الأهواء والشدائد التي قد يتعرض لها، إذ يجد الطعام الشهي يطبخ أمامه، والروائح تهيج عصارات معدته، والماء العذب البارد يترقرق في ناظريه، فيمتنع منه، منتظراً وقت الإذن الرباني بتناوله.
والصوم يعلِّم الأمانة ومراقبة الله تعالى في السر والعلن؛ إذ لا رقيب على الصائم في امتناعه عن الطيبات إلا الله وحده.
والصوم يقوي الإرادة، ويشحذ العزيمة، ويعلِّم الصبر، ويساعد على صفاء الذهن، واتقاد الفكر، وإلهام الآراء الثاقبة إذا تخطى الصائم مرحلة الاسترخاء، وتناسى ما قد يطرأ له من عوارض الارتخاء والفتور أحياناً، قال لقمان لابنه: «يا بني، إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة» .
والصوم يعلِّم النظام والانضباط؛ لأنه يجبر الصائم على تناول الطعام والشراب في وقت محدد وموعد معين. والصوم يشعر بوحدة المسلمين الحسية في المشارق والمغارب، فهم جميعاً يصومون ويفطرون في وقت واحد؛ لأن ربهم واحد، وعبادتهم موحدة.
وينمي الصوم في الإنسان عاطفة الرحمة والأخوة، والشعور برابطة التضامن والتعاون التي تربط المسلمين فيما بينهم، فيدفعه إحساسه بالجوع والحاجة مثلاً إلى صلة الآخرين، والمساهمة في القضاء على غائلة الفقر والجوع والمرض، فتتقوى أواصر الروابط الاجتماعية بين الناس، ويتعاون الكل في معالجة الحالات المرضية في المجتمع.
(3/3)
________________________________________
والصوم فعلاً يجدد حياة الإنسان بتجدد الخلايا وطرح ماشاخ منها، وإراحة المعدة وجهاز الهضم، وحمية الجسد، والتخلص من الفضلات المترسبة والأطعمة غير المهضومة، والعفونات أو الرطوبات التي تتركها الأطعمة والأشربة، قال النبي صلّى الله عليه وسلم : «صوموا تصحوا» (1) ، وقال طبيب العرب: الحارث بن كَلْدة: «المعدة بيت الداء، والحِمْية رأس كل دواء» .
والصيام جهاد للنفس، وتخليصها مما علق بها من شوائب الدنيا وآثامها، وكسر حدة الشهوة والأهواء، وتهذيبها وضبطها في طعامها وشرابها، بدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلم : «يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة، فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (2) وقال الكمال بن الهمام (3) : الصوم ثالث أركان الإسلام بعد «لا إله إلا الله ، محمد رسول الله » والصلاة، شرعه سبحانه لفوائد أعظمها كونه موجباً أشياء:
منها: سكون النفس الأمارة، وكسر سورتها في الفضول المتعلقة بجميع الجوارح من العين واللسان والأذن والفرج، فإن به تضعف حركتها في محسوساتها، ولذا قيل: إذا جاعت النفس شبعت جميع الأعضاء، وإذا شبعت جاعت كلها.
ومنها: كونه موجباً للرحمةوالعطف على المساكين، فإنه لما ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات، ذكر من هذا حاله في عموم الأوقات، فتسارع إليه الرقة عليه، فينال بذلك ما عند الله تعالى من حسن الجزاء.
ومنها: موافقة الفقراء بتحمل ما يتحملون أحياناً، وفي ذلك رفع حاله عند الله تعالى.
-------------------------------
(1) رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة، وهو حديث حسن.
(2) رواه الجماعة عن ابن مسعود (نيل الأوطار: 99/6) والباءة: مؤن الزواج وتكاليفه، والوجاء: أي يضعف شهوة النكاح، تشبيهاً بقطع السيف.
(3) فتح القدير: 43/2 ومابعدها.
(3/4)
________________________________________
وقال في الإيضاح: اعلم أن الصوم من أعظم أركان الدين وأوثق قوانين الشرع المتين، به قهر النفس الأمارة بالسوء، وإنه مركب من أعمال القلب، ومن المنع عن المآكل والمشارب والمناكح عامة يومه، وهو أجمل الخصال، غير أنه أشق التكاليف على النفوس (1) ، وقد مدحه الله بآية {إن المسلمين والمسلمات} ... {والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات} [الأحزاب:35/33] .
المطلب الثاني ـ فضل رمضان وليلة القدر:
رمضان سيد الشهور، فيه بدأ نزول القرآن، وهو شهر الطاعة والقربة والبر والإحسان، وشهر المغفرة والرحمة والرضوان، فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وبه عون المؤمن على أمر دينه وطلب إصلاح دنياه، وهو موسم تكثر فيه مناسبات إجابة الدعاء.
وقد ورد في السنة النبوية ما يدل على فضل رمضان وفضل الصوم فيه.
من ذلك ما يأتي:
1ً - «سيد الشهور شهر رمضان، وسيد الأيام يوم الجمعة» (2) «ولو يعلم العباد ما في شهر رمضان لتمنى العباد أن يكون شهر رمضان سنة» (3) . وروى الطبراني عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال يوماً وقد حضر رمضان: «أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فيُنزل الرحمة، ويحُطُّ الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل» .
-------------------------------
(1) حاشية ابن عابدين: 109/2.
(2) رواه الطبراني في الكبير عن عبد الله بن مسعود، وفيه انقطاع (مجمع الزوائد: 140/3).
(3) رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي من طريقه عن أبي مسعود الغفاري، وفي راو من سنده كلام (الترغيب والترهيب: 102/2، مجمع الزوائد: 141/3).
(3/5)
________________________________________
2ً - «إذا جاء رمضان فتِّحت أبواب الجنة، وغلِّقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين» (1) .
3ً - «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفِّرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (2) .
4ً - «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنةُ بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضَعْف، قال الله تعالى: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» (3) .
وفي رواية للترمذي، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : إن ربكم يقول: «كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضِعْف، والصوم لي وأنا أجزي به، والصوم جُنَّة (4) من النار، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وإن جَهِل على أحدكم جاهل وهو صائم، فليقل: إني صائم، إني صائم» .
5ً - «من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه» (5) أي من أحيا لياليه بصلاة التراويح أوغيرها بالذكر والاستغفار وتلاوة القرآن تصديقاً لما وعده الله على ذلك من أجر، محتسباً ومدخراً أجره عند الله تعالى لا غيره، بخلوص عمله لله ، لم يشرك به غيره، غفرت له ذنوبه غير حقوق العباد، فتتوقف على إبراء الذمة، أو المسامحة.
6ً - عن سلمان رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، قال: «يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوّعاً، من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه.
-------------------------------
(1) رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة (الترغيب والترهيب: 97/2).
(2) رواه مسلم عن أبي هريرة (الترغيب والترهيب: 92/2).
(3) رواه مسلم عن أبي هريرة. والخلوف: تغير رائحة الفم (الترغيب والترهيب: 81/2).
(4) الجُنة: ما يستر ويقي مما يخاف منه، ومعنى الحديث: إن الصوم يستر صاحبه، ويحفظه من الوقوع في المعاصي.
(5) متفق عليه عند البخاري وغيره (أصحاب الكتب الستة) عن أبي هريرة. واحتساباً: أي طلباً لوجه الله تعالى وثوابه. والاحتساب من الحَسْب كالاعتداد من العد، أي يعتد عمله.
(3/6)
________________________________________
وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد في رزق المؤمن فيه، من فطَّر فيه صائماً، كان مغفرة لذنوبه وعتقَ رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء.
قالوا: يا رسول الله ، ليس كلُّنا يجدُ ما يفطر الصائم؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة، أو على شَرْبة ماء، أو مَذْقة (1) لبن.
وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار.
واستكْثِروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غِنَاء بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان تُرضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه. وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار.
ومن سقى صائماً، سقاه الله من حوضي شَرْبة لا يظمأ حتى يدخل الجنة» (2) .
ليلة القدر: يستحب طلب ليلة القدر؛ لأنها ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة، ترجى إجابة الدعاء فيها، وهي أفضل الليالي حتى ليلة الجمعة (3) ، قال تعالى: {ليلة القدر خير من ألف شهر} [القدر:3/97] أي قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها، وقال صلّى الله عليه وسلم : «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه» (4) وعن عائشة أن النبي كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل، وأيقظ أهله وشد المئزر» (5) أي اعتزل النساء، ولأحمد ومسلم: كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها.
وهي مختصة بالعشر الأواخر في ليالي الوترمن رمضان، لقوله صلّى الله عليه وسلم : «التمسوها في العشر الأواخر من شهر رمضان، في كل وتر» (6) .
وأرجح الأقوال عند العلماء أنها في ليلة السابع والعشرين من رمضان، قال
-------------------------------
(1) مزيج خليط.
(2) رواه ابن خزيمة في صحيحه، ثم قال: صح الخبر، ورواه من طريق البيهقي، ورواه أبو الشيخ ابن حيان في الثواب باختصار عنهما (الترغيب والترهيب: 94/2 ومابعدها).
(3) المهذب: 189/1، المجموع: 492/6-503، المغني: 178/3-183، كشاف القناع: 401/2-404.
(4) رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة.
(5) متفق عليه (نيل الأوطار: 270/4).
(6) متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي ذر.
(3/7)
________________________________________
أبي بن كعب: «والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان، وأنها في ليلة سبع وعشرين، ولكن كره أن يخبركم فتتكلوا» (1) ، وعن معاوية «أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: ليلة سبع وعشرين» (2) ويرجحه قول ابن عباس: «سورة القدر: ثلاثون كلمة، السابعة والعشرون فيها: هي» (3) وروى أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر حديثاً نصه: «من كان متحرّيها فليتحرها ليلة سبع وعشرين، أو قال: تحروها ليلة سبع وعشرين» .
والحكمة في إخفائها: أن يجتهد الناس في طلبها، ويجدّوا في العبادة طمعاً في إدراكها، كما أخفيت ساعة الإجابة يوم الجمعة، وأخفي اسمه الأعظم في أسمائه، ورضاه في الحسنات، إلى غير ذلك.
والمستحب أن يدعو المؤمن فيها بأن يقول: «اللهم إنك عفو، تحب العفو، فاعف عني» لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما ذا أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني» (4) .
وأما علاماتها: فالمشهور فيها ما ذكره أبي بن كعب عن النبي صلّى الله عليه وسلم : «إن الشمس تطلع في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها» (5) وفي بعض الأحاديث: «
-------------------------------
(1) رواه الترمذي وصححه.
(2) رواه أبو داود مرفوعاً، والراجح وقفه على معاوية، وله حكم الرفع (سبل السلام: 176/2).
(3) قال ابن حجر في فتح الباري: وقد اختلف في تعيينها على أربعين قولاً، وأرجحهما كلها أنها في وتر العشر الأواخر، وأنها تنتقل. وقال الصنعاني: وأظهر الأقوال أنها في السبع الأواخر (المصدر السابق).
(4) رواه الخمسة (أحمد وأصحاب السنن) غير أبي داود، وصححه الترمذي والحاكم (المصدر السابق).
(5) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه (نيل الأوطار: 272/4).
(3/Cool
________________________________________
بيضاء مثل الطست» وروي أيضاً عنه صلّى الله عليه وسلم : «إن أمارة ليلة القدر: أنها ليلة صافية بلجة، كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولاحر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية، ليس فيها شعاع، مثل القمر ليلة البدر، لايحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ» وروى ابن خزيمة من حديث ابن عباس مرفوعاً: «ليلة القدر طلقة لا حارّة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة» ولأحمد من حديث عبادة: «لا حر فيها ولا برد، وإنها ساكنة صاحية، وقمرها ساطع» ، وورد في علامتها أحاديث منها عن جابر بن سمرة عند ابن أبي شيبة، وعن جابر بن عبد الله عند ابن خزيمة، وعن أبي هريرة عنده، وعن ابن مسعود عند ابن أبي شيبة وعن غيرهم (1) .
-------------------------------
(1) نيل الأوطار: 275/4.
(3/9)
________________________________________
المطلب الثالث ـ أهم الأحداث التاريخية الواقعة في رمضان:
إن أهم حدث في رمضان هو نزول القرآن الكريم في ليلة الخامس والعشرين. ثم وقعت أحداث تاريخية فاصلة كبرى في شهر رمضان، تدل على أن الإسلام يقدر الأمور حق قدرها، وأن شعار الصوم هو القوة والجهاد والعمل، لا الضعف والهروب والفتور والكسل، فالمسلم يتفاعل مع واقع الحياة، ويتكيف مع الظروف، فلا يثنيه واجب ديني عن واجب معيشي أو حياتي، ولا تحد من عزيمته وهمته أهواء الدنيا، ومغريات الطعام والشراب، ولا يصح لمسلم أن يقول: إن الصوم يعطل الأعمال، ويؤخر المجتمعات، فسبيل الإسلام معروف وهو الجهاد، ودين الله وشرعه يسر لا عسر، فقد أباح الفطر وحضَّ عليه في السفر والحرب، وحكم بأن الصائمين حينئذ متنطعون متشددون، وبأن المفطرين في الجهاد ذهبوا
بالأجر كله، كما بيَّن النبي صلّى الله عليه وسلم في فتح مكة، وكان أول المفطرين. ودليل ما نقول: هذه الأحداث الكبرى التي وقعت في رمضان ونكتفي بذكر أشهرها، للاستدلال على أن النصر مرتبط بتطهير النفوس وصفائها وسموها وترفعها عن أدران المادة، وأن أيام رمضان مباركة ينتهز فيها الخير والنصر والفضل الإلهي، إذا توجهت القلوب لرب الأرض والسماء، قال الله تعالى: : {وما النصر إلا من عند الله } [آل عمران:126/3].
1 - معركة بدر الكبرى: وهي يوم الفرقان الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل، فانتصر فيه الإسلام ـ رمز القيم العليا في التوحيد والتفكير والحياة السوية والأخلاق الصحيحة ـ واندحر الشرك والوثنية ـ رمز الانحدار والتخلف والتعقيد وإهدار الكرامة الإنسانية. والمعركة حدثت في يوم الجمعة في السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة، قال تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة، فاتقوا الله لعلكم تشكرون} [آل عمران:123/3]، وقال ابن عباس: كانت يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، وفيها قتل فرعون الأمة أبو جهل أكبر أعداء الإسلام.
(3/10)
________________________________________
2 - فتح مكة: وهو الفتح الأكبر لقوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} [الفتح:1/48] حدث في يوم الجمعة في العشرين أو الحادي والعشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة، وقد تم به القضاء على فلول الوثنية، وتم به تحطيم الأصنام حول الكعبة. وفي رمضان من السنة الخامسة كان استعداد المسلمين لغزوة الخندق التي وقعت في شوال من العام نفسه.
3 - وقعت بعض أحداث غزوة تبوك في رمضان سنة 9هـ، وفي رمضان كانت معركة القادسية، ومعركة البويب، وفتح رودس.
4 - انتشر الإسلام في اليمن في السنة العاشرة في رمضان، وأرسل النبي صلّى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على رأس سرية إلى اليمن، وحمل معه كتاباً إليهم.
5 - هدم خالد بن الوليد لخمس بقين من رمضان في السنة الثامنة البيت الذي كانت تعبد فيه العزى في نخلة، وقال للرسول صلّى الله عليه وسلم : «تلك العزى ولا تعبد أبداً» (1) . ووجه الرسول صلّى الله عليه وسلم السرايا لهدم الأصنام.
6 - قدم في السنة التاسعة في رمضان وفد ثقيف من الطائف إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يريدون الإسلام، وهدم فيها صنم اللات الذي كانت تعبده ثقيف (2) .
7 - في صبيحة يوم الجمعة في 25 من رمضان479 هـ حدثت موقعة الزلاَّقة (سهل يقع على مقربة من البرتغال الحالية) أو يوم العروبة والإسلام، وانتصر فيها جيش المرابطين المسلمين في الأندلس بقيادة يوسف بن تاشفين على جيش الفرنجة البالغ ثمانين ألف مقاتل بقيادة الفونس السادس ملك قشتالة.
8 - موقعة عين جالوت: (قرية بين بيسان ونابلس) حدثت في صبيحة يوم الجمعة في الخامس عشر من رمضان سنة 658 هـ الموافق 3 أيلول (سبتمبر)1260م، بقيادة السلطان قُطُز سلطان المماليك في مصر، بعد أن صاح بأعلى صوته «وإسلاماه» ، وانتصر فيها على المغول الذين ولوا الأدبار لا يلوون على شيء (3) ، وتم فيها توحيد مصر وبلاد الشام (4) . وإنقاذ الإسلام والمسلمين من
-------------------------------
(1) البداية والنهاية لابن كثير: 316/4.
(2) المرجع السابق: 316/5.
(3) الحركة الصليبية للدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور: 1136/2، ط ثانية، مكتبة الأنجلو المصرية.
(4) أما موقعة حطين شمال طبرية سنة 583 هـ/1187م فقد وقعت في يوم السبت 14 ربيع الآخر الموافق 4 تموز، ولكن دخل صلاح الدين الأيوبي القدس في ليلة السابع والعشرين من رجب في ذكرى الإسراء والمعراج في 12 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1187م (الحركة الصليبية: 808/2-811،822).
(3/11)
________________________________________
همجية المغول، كما أن البطل صلاح الدين خاض معارك حاسمة ضد الصليبيين في رمضان.
9 - فتح الأندلس: في رمضان كانت معركة طريف تمهيداً لفتح الأندلس، وكانت معركة الزلاَّقة، ثم حدث فتح الأندلس في 28 رمضان سنة 92هـ/19 يوليو (تموز)711 م بقيادة طارق بن زياد بعد أن هزم روذريق قائد القوط في موقعة حاسمة تعرف بـ «موقعة البحيرة» بعد أن استولى على مضيق جبل طارق وأحرق سفنه، وقال كلمته المشهورة: «البحر من ورائكم والعد ومن أمامكم» ، ثم تم بعدها فتح قرطبة وغرناطة وطليطلة العاصمة السياسية للأندلس (1) .
وفي رمضان كانت آخر المعارك مع الصليبيين لتطهير أرضنا وديارنا من أرجاسهم. وفي العاشر من رمضان سنة 1393هـ/1973م كانت معركة العبور، أي عبور القوات المصرية المسلحة قناة السويس من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، بعد احتلال اليهود لها مدة نحو سبع سنوات في الخامس من شهر حزيران سنة 1967م، ووصلت في العاشر من شهر رمضان القوات السورية إلى شواطئ بحيرة طبرية. ولقّن الفلسطينيون العدو الصهيوني في رمضان في معركة الكرامة في نيسان (أبريل) سنة 1968م درساً لا ينساه مع قلتهم وتمكن العدو في موقع استراتيجي رائع.
-------------------------------
(1) التاريخ السياسي للدولة العربية، للدكتور عبد المنعم ماجد: 204/2).
(3/12)
________________________________________
المبحث الثاني ـ فرضية الصيام وأنواعه:
فرضية الصيام وتاريخها: صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه (1) ، بدليل القرآن والسنة والإجماع:
أما القرآن: فقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام، كما كتب على الذين من قبلكم، لعلكم تتقون} [البقرة:183/2] إلى قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة:185/2].
وأما السنة: فقول النبي صلّى الله عليه وسلم : «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً» (2) ، وعن طلحة بن عبيد الله أن رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال: يا رسول الله ، أخبرني ماذا فرض الله عليّ من الصيام؟ قال: شهررمضان، قال: هل علي غيره؟ قال: لا، إلا أن تطوع شيئاً. قال: فأخبرني ماذا فرض الله علي من الزكاة؟ فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام، قال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئاً، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئاً، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم : «أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق» (3) .
وأجمع المسلمون على وجوب صيام شهر رمضان.
وفُرض صوم رمضان بعد صرف القبلة إلى الكعبة لعشر من شعبان في السنة الثانية من الهجرة بسنة ونصف إجماعاً، وصام النبي صلّى الله عليه وسلم تسعة رمضانات في تسع سنين، وتوفي النبي صلّى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة (4) .
-------------------------------
(1) الفرق بين الركن والفرض: أن الركن يجب اعتقاده ولا يتم العمل إلا به، سواء أكان فرضاً أم نفلاً، والفرض: ما يعاقب على تركه، وأركان الإسلام: أي جوانبه التي يبنى عليها، فمتى فقد ركن منها لم يتم الإسلام.
(2) رواه البخاري ومسلم من طرق كثيرة عن ابن عمر.
(3) متفق عليه بين البخاري ومسلم.
(4) المجموع: 273/6 ومابعدها، الدر المختار: 109/2، كشاف القناع: 349/2، بداية المجتهد: 274/1، المغني: 84/3.
(3/13)
________________________________________
وجاحد وجوب صوم رمضان كافر يعامل كالمرتد، فيستتاب، فإن تاب قبل منه، وإلا قتل حداً إذا لم يكن قريب عهد بالإسلام أو نشأ بعيداً عن العلماء. أما تارك الصيام كسلاً بغير عذر، ،ولم يكن جاحداً لوجوبه، فهو فاسق، وليس بكافر.
أنواع الصيام:
الصوم أنواع: واجب، وتطوع، وحرام، ومكروه (1) .
وقال الحنفية: الصوم ثمانية أنواع: فرض معين كصوم رمضان أداء، وغير معين كقضاء رمضان وصوم الكفارات، وواجب معين كنذر معين، وغير معين كالنذر المطلق، ونفل مسنون كصوم عاشوراء وتاسوعاء، ونفل مندوب أو مستحب كأيام البيض من كل شهر، ومكروه تحريماً كصوم العيدين، ومكروه تنزيهاً كعاشوراء وحده، وسبت وحده، ونيروز ومهرجان.
النوع الأول ـ الواجب:
وهو ثلاثة أقسام: منه ما يجب للزمان نفسه وهو صوم شهر رمضان، ومنه ما يجب لعلة وهو صيام الكفارات، ومنه ما يجب بإيجاب الإنسان ذلك على نفسه، وهو صيام النذر.
والصوم اللازم عند الحنفية نوعان: فرض وواجب. والفرض نوعان: معين كصوم أداء، وغير معين كصوم رمضان قضاء، وصوم الكفارات، ولكنه أي الأخير فرض عملاً، لا اعتقاداً، ولذا لايكفر جاحده.
والواجب نوعان: معين كالنذر المعين،وغير المعين كالنذر المطلق، وكقضاء ما أفسده من صوم النفل.
-------------------------------
(1) اللباب: 162/1،173، فتح القدير: 43/2 ومابعدها، 54، الدر المختار وحاشيته: 112/2-116، مراقي الفلاح: ص105 ومابعدها، بداية المجتهد: 274/1، 300، الشرح الصغير: 687/1،722، القوانين الفقهية: ص114، مغني المحتاج: 420/1، 433، 445-449، كشاف القناع: 349/2، 393 ومابعدها، 398، المغني: 89/3، 142، 163.
(3/14)
________________________________________
النوع الثاني ـ الصوم الحرام عند الجمهور أو المكروه تحريماً عند الحنفية: وهو ما يأتي:
1 ً - صيام المرأة نفلاً بغير إذن زوجها أو علمها برضاه إلا إذا لم يكن محتاجاً لها كأن كان غائباً أو محرماً بحج أو عمرة أو معتكفاً، لخبر الصحيحين: «لا يحل لامرأة أن تصوم، وزوجها شاهد إلا بإذنه» ولأن حق الزوج فرض، لا يجوز تركه لنفل، فلوصامت بغير إذنه صح، وإن كان حراماً كالصلاة في دار مغصوبة، وللزوج أن يفطرها، لقيام حقه واحتياجه. وهذا الصوم مكروه تنزيهاً عند الحنفية.
2 ً - صوم يوم الشك: وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تردد الناس في كونه من رمضان، وللفقهاء عبارات متقاربة في تحديده، واختلفوا في حكمه، مع اتفاقهم على عدم الكراهة وإباحة صومه إن صادف عادة للمسلم بصوم تطوع كيوم الاثنين أو الخميس.
فقال الحنفية (1) : هو آخر يوم من شعبان يوم الثلاثين إذا شك بسبب الغيم أمن رمضان هو أم من شعبان. فلو كانت السماء صحواً ولم ير هلال أحد فليس بيوم شك.
وحكمه : أنه مكروه تحريماً إذا نوى أنه من رمضان أو من واجب آخر. ويكره أيضاً صوم ما قبل رمضان بيوم أو يومين، لحديث: «لا تَقدَّموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً، فيصومه» (2) فيكره صومه إلا أن يوافق صوماً كان يصومه المسلم، خوفاً من أن يظن أنه زيادة على صوم رمضان، ولا يكره صوم نفل جزم به بلا ترديد بينه وبين صوم آخر، فلا يصام يوم الشك إلا تطوعاً.
وقال المالكية على المشهور (3) : إنه يوم الثلاثين من شعبان إذا كان بالسماء في ليلته (أي ليلة الثلاثين) غيم، ولم ير هلال رمضان. فإن كانت السماء صحواً لم يكن يوم شك؛ لأنه إذا لم تثبت رؤية هلال رمضان، كان اليوم من شعبان جزماً. وهذا كمذهب الحنفية.
-------------------------------
(1) فتح القدير : 53/1 وما بعدها ،الدر المختار : 119/2 وما بعدها ،مراقي الفلاح ،ص 107.
(2) رواه الأئمة الستة في كتبهم عن أبي هريرة (نصب الراية: 440/2).
(3) الشرح الكبير: 513/1، الشرح الصغير: 686/1 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص115، شرح الرسالة: 293/1-295.
(3/15)
________________________________________
والراجح عند الدردير والدسوقي وغيرهما أن يوم الشك: صبيحة الثلاثين من شعبان إذا كانت السماء صحواً أو غيماً، وتحدث بالرؤية من لا تقبل شهادته كعبد أو امرأة أو فاسق. أما يوم الغيم فهو من شعبان جزماً؛ لخبر الصحيحين: «فإن غم عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» .
وحكمه: أنه يكره صومه للاحتياط على أنه من رمضان، ولا يجزئه صومه عن رمضان، فمن أصبح فلم يأكل ولم يشرب، ثم تبين له أن ذلك اليوم من رمضان، لم يجزه، وجاز صومه لمن اعتاد الصوم تطوعاً سرداً أو يوماً معيناً كيوم الخميس مثلاً، فصادف يوم الشك، كما جاز صومه تطوعاً، وقضاء عن رمضان سابق،وكفارة عن يمين أوغيره، ولنذر يوم معين أو يوم قدوم شخص مثلاً، فصادف يوم الشك. ويندب الإمساك (الكف عن المفطر) يوم الشك ليتحقق الحال، فإن ثبت رمضان وجب الإمساك لحرمة الشهر، ولو لم يكن أمسك أولاً.
وقال الشافعية (1) : يوم الشك: هو يوم الثلاثين من شعبان في حال الصحو، إذا تحدث الناس برؤية الهلال ليلته، ولم يعلم من رآه، ولم يشهد برؤيته أحد، أو شهد بها صبيان أو عبيد أو فسقة أو نساء، وظن صدقهم، أو شهد شخص عدل ولم يكتف به. وليس إطباق الغيم بشك، كما أنه إذا لم يتحدث أحد من الناس بالرؤية فليس بشك، بل هو يوم من شعبان، وإن أطبق الغيم، لخبر الصحيحين المتقدم: «فإن غم عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» .
-------------------------------
(1) مغني المحتاج: 433/1،438.
(3/16)
________________________________________
وحكمه: أنه يحرم ولا يصح التطوع بالصوم يوم الشك، ولقول عمار بن ياسر رضي الله عنه: «من صام يوم الشك، قد عصى أبا القاسم صلّى الله عليه وسلم » (1) . وحكمة التحريم: توفير القوة على صوم رمضان، وضبط زمن الصوم وتوحيده بين الناس، دون زيادة. وكذلك يحرم صوم يوم أو يومين قبل رمضان، والأظهر أنه يلزم الإمساك من أكل يوم الشك، ثم ثبت كونه من رمضان، لأن صومه واجب عليه، إلا أنه جهله.
ويجوز صوم يوم الشك عن القضاء والنذر والكفارة، ولموافقة عادة تطوعه، ونحوه مما له سبب يقتضي الصوم، على الأصح مسارعة لبراءة الذمة، فيما عدا الاعتياد، وعملاً في الاعتياد بالحديث المتقدم: «... إلا رجل كان يصوم صوماً، فليصمه» ويجب الإمساك على من أصبح يوم الشك مفطراً، ثم تبين أنه من رمضان، ثم يقضيه بعد رمضان فوراً، وإن صامه متردداً بين كونه نفلاً من شعبان أو فرضاً من رمضان،لم يصح فرضاً ولا نفلاً إن ظهر أنه من رمضان.
وقال الحنابلة (2) : يوم الشك: هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال ليلته، مع كون السماء صحواً لا علة فيها من غيم أو قَتَر ونحوهما، أو شهد برؤية الهلال من ردت شهادته لفسق ونحوه، فهم في تحديده كالشافعية.
وحكمه كما قال المالكية: يكره ويصح صوم يوم الشك بنية الرمضانية احتياطاً، ولا يجزئ إن ظهر منه، إلا إذا وافق عادة له، أو وصله بصيام قبله، فلا كراهة، للحديث المتقدم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً، فليصمه» وإلا أن يصومه عن قضاء أو نذر أو كفارة، فلا كراهة؛ لأن صومه واجب إذاً. وإن صامه موافقة لعادة ثم تبين أنه من رمضان، فلا يجزئه عنه، ويجب عليه الإمساك فيه، وقضاء يوم بعده . والخلاصة: إن صوم يوم الشك مكروه عند الجمهور، حرام عند الشافعية.
-------------------------------
(1) رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي وغيره.
(2) المغني: 89/3، كشاف القناع: 350/2-351،398 ومابعدها.
(3/17)
________________________________________
3 ً - صوم عيد الفطر والأضحى وأيام التشريق بعده: مكروه تحريماً عن الحنفية، حرام لا يصح عند باقي الأئمة (1) ، سواء أكان الصوم فرضاً أم نفلاً، ويكون عاصياً إن قصد صيامها، ولا يجزئه عن الفرض لما روى أبو هريرة: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم فطر ، ويوم أضحى» (2) والنهي عند غير الحنفية يقتضي فساد المنهي عنه وتحريمه. وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلّى الله عليه وسلم : «أيام منى أيام أكل وشرب وذكْر الله تعالى» . وقصر المالكية تحريم صوم التشريق على يومين بعد الأضحى، وقال الجمهور: ثلاثة أيام بعده، وأما صوم اليوم الرابع عند المالكية فمكروه فقط.
وتحريم الصوم في أيام العيدين عند الشافعية، ولو لمتمتع بالحج والعمرة، للنهي عن صيامها كما رواه أبو داود بإسناد صحيح. واستثنى الجمهور (الحنفية والمالكية والحنابلة) حالة الحج للمتمتع والقارن، فأجازوا لهما صيامهما، لقول ابن عمر وعائشة:
-------------------------------
(1) الدر المختار: 114/2، مراقي الفلاح: ص106، القوانين الفقهية: ص114، مغني المحتاج: 433/1، المهذب: 189/1، المغني: 163/3، كشاف القناع: 399/2.
(2) متفق عليه، وعن أبي سعيد الخدري عند الشيخين (البخاري ومسلم) مثله.
(3/18)
________________________________________
«لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي» (1) .
4 ً - صوم الحائض والنفساء حرام ولا يصح ولا ينعقد، كما أبنت في مبحث الحيض والنفاس، وعليهما قضاء الصوم دون الصلاة.
5 ً - قال الشافعية: يحرم صوم النصف الأخير من شعبان الذي منه يوم الشك، إلا لوِرْد بأن اعتاد صوم الدهر أو صوم يوم وفطر يوم أو صوم يوم معين كالاثنين فصادف ما بعد النصف، أو نذر مستقر في ذمته، أو قضاء لنفل أو فرض، أو كفارة، أو وصل صوم ما بعد النصف بما قبله، ولو بيوم النصف.
ودليلهم حديث: «إذا انتصف شعبان، فلا تصوموا» (2) ولم يأخذ به الحنابلة وغيرهم لضعف الحديث في رأي أحمد.
6 ً - صيام من يخاف على نفسه الهلاك بصومه.
النوع الثالث ـ الصوم المكروه:
هو كصوم الدهر (3) ، وإفراد يوم الجمعة بالصوم، وإفراد يوم السبت، وصوم يوم الشك وصوم يوم أو يومين قبل رمضان عند الجمهور، ويحرم الأخيران عند الشافعية، والراجح عند المالكية عدم كراهة صوم الدهر وإفراد الجمعة بالصوم. والكراهة فيهما عند غير المالكية تنزيهية.وللفقهاء تفصيلات في بيان الصوم المكروه:
-------------------------------
(1) رواه البخاري.
(2) رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة، وهو حسن، كما ذكر السيوطي وصححه ابن حبان وغيره (سبل السلام: 171/2).
(3) الدهر: الأبد المحدود، وأما قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الدهر، فإن الدهر هو الله » فمعناه أن ما أصابك من الدهر فالله فاعله، ليس الدهر، فإذا سببت به الدهر، فكأنك أردت الله سبحانه (مغني المحتاج: 448/1).
(3/19)
________________________________________
فقال الحنفية (1) : الصوم المكروه قسمان: مكروه تحريماً، ومكروه تنزيهاً. والمكروه تحريماً: هو صوم أيام العيدين والتشريق وصوم يوم الشك، لورود النهي السابق عن صيامها، فإذا صامها انعقد صومه مع الإثم، ولا يلزم القضاء لمن شرع في صومه وأفسده، لأن المبدأ الأصولي عندهم هو أن النهي المتوجه إلى وصف من أوصاف العمل اللازم له يقتضي فساد الوصف فقط، ويبقى أصل العمل على مشروعيته.
والمكروه تنزيهاً: هو إفراد صيام يوم عاشوراء (العاشر من المحرم) عن التاسع أوعن الحادي عشر، وإفراد يوم الجمعة في قول البعض، ويوم السبت، ويوم النيروز (يوم في طرف الربيع) والمهرجان (يوم في طرف الخريف) بالصوم إلا أن يوافق ذلك عادته، فتزول علة الكراهة، أما الجمعة فلقوله صلّى الله عليه وسلم : «لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم» (2) . وأما السبت: فلقوله صلّى الله عليه وسلم : «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة، فليمضغه» (3) . وأما النيروز والمهرجان فلأن فيه تعظيم أيام نهينا عن تعظيمها.
ويكره تنزيهاً أيضاً صوم الدهر؛ لأنه يضعفه، ولحديث «لا صام من صام الأبد» (4) ويكره صوم الصمت: وهو أن يصوم ولا يتكلم بشيء، وعليه أن يتكلم بخير وبحاجة دعت إليه. ويكره صوم الوصال ولو بين يومين فقط، وهو ألا يفطر بعد الغروب أصلاً حتى يتصل صوم الغد بالأمس، للنهي عنه، قال صلّى الله عليه وسلم : «إياكم والوصال» (5) وقالت عائشة: «نهاهم النبي صلّى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل؟ قال: إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي ويسقيني» (6) .
ويكره صوم المسافر إذا أجهده الصوم، وصوم المرأة تطوعاً بغير رضا زوجها، وله أن يفطرها، لقيام حقه واحتياجه، إلا أن يكون مريضاً أو صائماً أو محرماً بحج أو عمرة.
وقال المالكية (7) : قال العلامة خليل: يندب صوم الدهر ولا يكره، للإجماع على لزومه لمن نذره، ولو كان مكروهاً أو ممنوعاً لما لزم على القاعدة، ويندب صوم يوم الجمعة ولا يكره لأن محل النهي عن ذلك على خوف فرضه، وقد انتفت هذه العلة بوفاته عليه الصلاة والسلام، وقال ابن جزي: المكروه: صوم الدهر، وصوم يوم الجمعة خصوصاً إلا أن يصوم يوماً قبله، أو يوماً بعده، وصوم السبت خصوصاً، وصوم يوم عرفة بعرفة، وصوم يوم الشك: وهو آخر يوم من شعبان احتياطاً إذا لم يظهر الهلال. وصوم اليوم الرابع من النحر، إلا لقارن أو متمتع أو لمن لزمه هدي لنقص في الحج، أو في حالة النذر والكفارات، فلا يكره.
-------------------------------
(1) الدر المختار: 114/2 ومابعدها، مراقي الفلاح: ص106.
(2) رواه مسلم، ورواه الجماعة عن أبي هريرة بلفظ «لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم» (نيل الأوطار: 249/4).
(3) رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي عن عبد الله بن بُسْر عن أخته الصماء (نيل الأوطار: 251/4).
(4) متفق عليه بين أحمد والشيخين عن عبد الله بن عمرو (نيل الأوطار: 254/4).
(5) متفق عليه عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 219/4).
(6) متفق عليه (نيل الأوطار: 219/4).
(7) القوانين الفقهية: ص 115،119، الشرح الصغير: 686/1،692-694،722-723، الشرح الكبير مع الدسوقي: 534/1 .
(3/20)
________________________________________
ويكره صوم التطوع لمن عليه صوم واجب كالقضاء، وصوم الضيف بدون إذن المضيف، وصوم يوم المولد النبوي، لأنه شبيه بالأعياد.
ويكره نذر صوم يوم مكرر ككل خميس، لأن التزام يوم متكرر أو دائم يؤدي إلى التثاقل والندم، فيكون لغير الطاعة أقرب. ويكره تطوع بصوم قبل صوم واجب غير معيَّن، كقضاء رمضان وكفارة. أما المعين فلا يكره التطوع فيه. ويكره تعيين صوم الثلاثة البيض من كل شهر وهي الثالث عشر وتالياه، فراراً من التحديد، كما يكره صوم ستة من شوال إن وصلها بالعيد مظهراً لها، ولا يكره إن فرقها أو أخرها أو صامها سراً، لانتفاء علة اعتقاد الوجوب.
(3/21)
________________________________________
وقال الشافعية (1) : يكره إفراد الجمعة بالصوم، وإفراد السبت والأحد بالصوم، وصوم الدهر غير العيد والتشريق لمن خاف به ضرراً أو فوت حق واجب أو مستحب، للنهي المتقدم عنها في الأحاديث السابقة، ولخبر البخاري: «إن لربك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً» ، وعليه حمل خبر الصحيحين: «لا صام من صام الأبد» .
ويستحب صوم الدهر لمن لم يخف ضرراً أو فوت حق، لإطلاق الأدلة، ولأنه صلّى الله عليه وسلم قال: «من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا، وعقد تسعين» (2) .
وهذا موافق لمذهب الحنابلة أيضاً.
ويكره صوم المريض والمسافر والحامل والمرضع والشيخ الكبير إذا خافوا مشقة ورأى الجمهور أن الحديث في صوم الدهر على ظاهره، وحملوه على من صام الأيام المنهي عنها. شديدة، وقد يحرم صومهم إذا خافوا الهلاك أو تلف عضو بترك الغذاء. ولا يكره صوم يوم النيروز والمهرجان.
وقال الحنابلة (3) : مثل الشافعية؛ وزادوا أنه يكره صوم الوصال: وهو ألا يفطر بين اليومين، وتزول الكراهة بأكل تمرة ونحوها، ويكره صوم بسفر قصر ولو بلا مشقة، فلو سافر ليفطر حرم السفر والفطر. ويكره إفراد رجب بالصوم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم «نهى عن صيامه» (4) ، ولأن فيه إحياء لشعار الجاهلية بتعظيمه، وتزول الكراهة بفطره فيه، ولو يوماً، أو بصومه شهراً آخر من السنة، ولايكره إفراد شهر غير رجب بالصوم.
ويكره إفراد يوم نيروز (اليوم الرابع من الربيع) ويوم مهرجان (اليوم التاسع عشر من الخريف) بالصوم، وهما عيدان للكفار، لما فيه من موافقة الكفار في تعظيمهما.
ويكره أيضاً صوم يوم الشك، كما سبق، وتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، ولا يكره تقدمه بأكثر من يومين.
-------------------------------
(1) مغني المحتاج: 447/1 ومابعدها، المهذب: 188/1 ومابعدها.
(2) رواه البيهقي وأحمد، ومعنى «ضيقت عليه» أي عنه، فلم يدخلها، أو لا يكون له فيها موضع (نيل الأوطار: 255/4)
(3) كشاف القناع: 397/2-399، غاية المنتهى: 334/1.
(4) رواه ابن ماجه عن ابن عباس، وهو ضعيف. وكل حديث روي في فضل صوم رجب أو الصلاة فيه فكذب باتفاق أهل العلم.
(3/22)
________________________________________
النوع الرابع ـ صوم التطوع أو الصوم المندوب:
التطوع: التقرب إلى الله تعالى بما ليس بفرض من العبادات، مأخوذ من قوله تعالى: {ومن تطوع خيراً} [البقرة:158/2]، وقد يعبر عنه بالنافلة كما في الصلاة، لقوله تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} [الإسراء:79/17]. ولا
شك أن الصوم ـ كما أبنت ـ من أفضل العبادات، ففي الصحيحين: «من صام يوماً في سبيل الله ، باعد الله تعالى وجهه عن النار سبعين خريفاً» وفي الحديث المتقدم: «كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به» .
وأيام صوم التطوع بالاتفاق ما يلي:
1 - صوم يوم وإفطار يوم: أفضل صوم التطوع صيام يوم، وإفطار يوم، لخبر الصحيحين: «أفضل الصيام صوم داود، كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً» وفيه «لاأفضل من ذلك» (1) .
2 - صوم ثلاثةأيام من كل شهر، والأفضل أن تكون الأيام البيض أي أيام الليالي البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وسميت بيضاً لابيضاضها ليلاً بالقمر، نهاراً بالشمس، وأجرها كصوم الدهر، بتضعيف الأجر، الحسنة بعشر أمثالها من غير حصول المضرة أو المفسدة التي في صيام الدهر. ودليلها ما روى أبو ذر أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال له: «إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثالث عشرة، ورابع عشرة، وخامس عشرة» (2) وروي «أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يصوم عدة ثلاثة أيام من كل شهر» (3) .
-------------------------------
(1) متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو، ولفظه: «صم يوماً وأفطر يوماً، فذلك صيام داود، وهو أفضل الصيام، قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، فقال: لا أفضل من ذلك» (نيل الأوطار: 254/4).
(2) رواه الترمذي وحسنه، والنسائي وابن حبان في صحيحه، وأحمد (نيل الأوطار: 252/4 ومابعدها، سبل السلام: 168/2).
(3) رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة من حديث ابن مسعود، وأخرج مسلم من حديث عائشة «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ما يبالي في أي الشهر صام» (سبل السلام: 168/2).
(3/23)
________________________________________
3 - صوم يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع، لقول أسامة بن زيد إن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين والخميس، فسئل عن ذلك فقال: «إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس» (1) ، وفي لفظ: «وأحب أن يُعْرَض عملي وأنا صائم» .
4 - صوم ستة أيام من شوال، ولو متفرقة، ولكن تتابعها أفضل عقب العيد مبادرة إلى العبادة، ويحصل له ثوابها ولو صام قضاء أو نذراً أو غير ذلك، فمن صامها بعد أن صام رمضان، فكأنما صام الدهر فرضاً، لما روى أبو أيوب «من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، فذاك صيام الدهر» (2) وروى ثوبان: «صيام شهر بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين، فذلك سنة» (3) يعني أن الحسنة بعشر أمثالها، الشهر بعشرة أشهر، والستة بستين، فذلك سنة كاملة.
5 - صوم يوم عرفة: هو تاسع ذي الحجة لغير الحاج، لخبر مسلم: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبلها، والسنة التي بعده» وهو أفضل الأيام لخبر مسلم: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه من النار من يوم عرفة» ، وأما قوله صلّى الله عليه وسلم : «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة» فمحمول على غير يوم عرفة بقرينة ما ذكر (4) .
أما الحاج فلا يسن له صوم يوم عرفة، بل يسن له فطره وإن كان قوياً، ليقوى على الدعاء، واتباعاً للسنة، كما روى الشيخان، فصومه له خلاف الأولى، قال
-------------------------------
(1) رواه أبو داود.
(2) رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي، ورواه أحمد من حديث جابر (نيل الأوطار: 237/4).
(3) رواه سعيد بن منصور بإسناده عن ثوبان.
(4) قيل: المكفر الصغائر دون الكبائر، ورد عليه: وهذا تحكم يحتاج إلى دليل، والحديث عام، وفضل الله واسع لا يحجر.
(3/24)
________________________________________
أبو هريرة رضي الله عنه: «نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات» (1) . ولا بأس بصومه للحاج عند الحنفية إذا لم يضعفه الصوم.
6 - صوم الأيام الثمانية من ذي الحجة قبل يوم عرفة للحاج وغيره، لقول حفصة: «أربع لم يكن يدعُهنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم : صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة» (2) وقد تقدم في بحث «صلاة العيدين» أحاديث تدل على فضيلة العمل في عشر ذي الحجة عموماً، والصوم مندرج تحتها.
7 - صوم تاسوعاء وعاشوراء: وهما التاسع والعاشر من شهر المحرم، ويسن الجمع بينهما، لحديث ابن عباس مرفوعاً: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر» (3) ويتأكد صيام عاشوراء لقوله صلّى الله عليه وسلم فيه: «أحتسب على الله تعالى أن يكفر السنة التي قبله» (4) ، وإنما لم يجب صومه لخبر الصحيحين: «إن هذا اليوم يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر» وحملوا الأخبار الواردة بالأمر بصومه على تأكد الاستحباب.
والحكمة من صيام عاشوراء: ما بينه ابن عباس، قائلاً: «قدم النبي صلّى الله عليه وسلم ،
-------------------------------
(1) رواه أحمد وابن ماجه (نيل الأوطار: 239/4).
(2) رواه أحمد وأبو داود والنسائي (نيل الأوطار: 238/4).
(3) رواه الخلال بإسناد جيد، واحتج به أحمد، وروى مسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع» .
(4) روى الجماعة إلا البخاري والترمذي عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم : «صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية» وحكمة التفرقة: أن عرفة يوم محمدي: يعني أن صومه مختص بأمة محمد صلّى الله عليه وسلم ، وعاشوراء يوم موسوي، ونبينا محمد صلّى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء صلوات الله وسلامه عل
siham nana
siham nana

الكتاب : الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ 15751613
عدد المساهمات : 1214
نقاط : 2007
تاريخ التسجيل : 18/06/2012
العمر : 26

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الكتاب : الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ Empty رد: الكتاب : الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ المؤلف : أ.د. وَهْبَة الزُّحَيْلِيّ

مُساهمة من طرف rozalinda الخميس فبراير 14, 2013 3:22 am

شكرا نانا بارك الله فيكي وجعله في ميزان حسناتك شكرا
rozalinda
rozalinda
مشرفة قسم الصبايا

عدد المساهمات : 638
نقاط : 838
تاريخ التسجيل : 18/05/2012
العمر : 29

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى